الجمعة، 16 يوليو 2010

الحدود وغوار الطوشة



لم تزل المشاهد الدارمية التي ابدعها الفنان السوري دريد لحام "غوار طوشة " تتراىء لي على أنها مشاهد سينمائية عادة ما تكون لإمتاع الثقافي الأدبي ، أو لمحاكاة واقع أما نقداً أو إطراءاً ، إلى إن كنت بالأمس القريب أجد نفسي أحد ابطال هذا العمل السينمائي البديع " الحدود" وذلك خلال رحلتي الأخيرة إلى الأراضي المقدسة ، لأداء سنة العمرة وزيارة الحرمين الشريفين والسلام على الحبيب المصطفى .
بدأت أحداث الفيلم الواقعي عندما وصلنا إلى الحدود الخليجية بعد التاسعة مساءا كان المشهد مهولاً ، لن أبالغ إن ذكرت أن هناك حشد غفير من الحافلات المتوجه إلى أطهر بقعة على وجه البسيطة وكذلك من مئات السيارات التي تجمعت جميعها عند هذا المنفذ الحدودي المكتظ ، واستمر مكوثي في هذا المنفذ سبعة ساعات متصلة ، ولم تتنتهي أحداث مغامرتي إلى هذا الحد فحسب أنما استمرت حيث أننا وفي مساحة حدودية أقل من خمسة كيلومترات مكثنا أكثر من اثنى عشر ساعة أخرى ، ليكون أجمالي الساعات التي استمرت فيها احداث مغامرتنا إلى اكثر من تسعة عشر ساعة متصلة ..
لم أدرك يوما انني سوف أمضي هذه الساعات الطوال في مسلسل من الأحداث المتعاقبة ابتداءاً من ساعات الإنتظار الطويلة في الشوارع والطرقات المنافذ الحدودية وكذلك أمام زجر رجال الأمن الذي لاأنكر جهودهم المتواصلة للتغلب على هذه الإزمة في ضبط وحزم , ربما في بعض الأحيان تناسوا مع ضعظ العمل أنهم يتعاملون مع أناس من بني اليشر أم أنهم لمكوثهم الشديد في الصحراء ، غلب عليهم تعامل الدواب والأبل وأصبح شأنهم مع غيرهم بنفس الطريقة في التعامل ..
مشاهد مختلفة تراءت لي في رحلتنا تلك تسألت فيها  كثيراً ، لماذا وضِعت هذه النقاط الحدودية المختلفة ؟ فإذا أردت أن تذهب من بلد إلى آخر من بلاد العثرب يكون لزاماُ أن تقضي ساعات طوال في نقاط حدودية مختلفة ، في حين أننا عندما نتنقل في أي من البلاد الأوربية ونحن ضيوف فيها ، نتنقل دون كلل ولا ملل في سهولها ووديانها دون حاجة ماسة  لأن ننزل ضيوف عبر معابرهم تلك ..
كعادتي وخلال ألاف الجموع التي كنت قابعة معي في هذه المنافذ الحدودية ، اتخذت أتصفح الوجوه  كبيرهم وصغيرهم نساؤهم ورجالهم  على مختلف بلدنهم حيث أن هذه الجموع جميعا يجمعها هدف واحد هي الذهاب إلى مكة الشريفة لأداء مناسك العمرة ، أدركت أن هذا الدين عظيم حيث جعل من أبناءه نٌساكاُ طائعين صابرين مثابرين للوصول إلى طاعة ربهم المعبود ، تسألت كثيرا لوأن هذا الجمع والذي وبدون مبالغة أنه بعشرة الآلاف كانوا تحت راية واحدة وكلمة واحدة ألن يكون لهم شأن عظيم وان الدنيا سوف تحسب لنا حساب قبل أي تصرف تجاه أمتنا .
ومع شدة الموقف الذي لا أحسد على مثله ، استجمعت قواي ولملمت بنات أفكاري وأخذت أتذكر من ماسمعت ودرست عن ادارة الوقت وكيفية الإستفادة منه ، وكذلك عن فن ادارة الأزمات وكيفية الخروج من المأزق أي كان ، ورغم ضيقي وحذقي تذكرت المقولة التي تقول " اصنع من الليمون الحامض شرابا حلو " ، أيقنت أنها فرصة للخلوة مع النفس ، وكذلك فرصة للقراءة والكتابة وأننا بحاجة ماسة لإستثمار أوقاتنا بطريقة ذكية ورائعة ..

محمد سرميني
25 فبراير 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق