الاثنين، 23 أغسطس 2010

نحن نقرأ الكاتب قبل الكلمات



إذا كنت من هواة القراءة فلا بد أن لك نخبة من الكُتاب الذين يستهويك ما ينطق به قلمهم ، فلكل كاتب مذاق نستشعره من كلماته المعبرة عن فكره الذي هو بطاقة التعريف عما ما يدور في خاطره .
أما إذا كنت من عامة القراء الذين يعتبروا الجريدة هي نبعهم المَعين الذي ينهلون منه و يجمعون شتاتهم الفكري والثقافي من صفحاتها  ، تتجه أنظارك نحو نجوم الصحافة أو كُاتبها الذين لمع نجمهم ربما لثقافتهم الواسعة أو لأفكارهم الهادفة أو لحدة لسانهم أو أسلوبهم الساخر أو لسلعتهم التافه التي باتت مطلب جماهيري كبير .
اذا ما كنت من النخبة القارئة أو من العامة التي تسعى أن تكون مثقفة من خلال قراءة المانشيتات التي تعج بها صحفنا ، فإن ما يلفت انتباهك أولا هو اسم الكاتب صاحب الباع الطويل والخبرة التي شهد الزمن لها ،  أما هؤلاء المغمورين ربما لا بواكي لهم في عالم القرطاس والقلم رغم جذوة أفكارهم و جزالة كلماتهم وعبارتهم و أسلوبهم التعبيري الفريد ..
مما لاشك فيه أن الكاتب المخضرم في بعض الأحيان الأقدر على إيصال أفكاره واستقطاب الجماهير وإيصال رسائله ايجابية كانت أم سلبية ، لكن أيضا هناك الكثير ممن جعلوا  الكلمات منهج تعبير ، وكانت كلماتهم محرك لأصحاب العقول والألباب فهم عين المجتم الفاحصة المتمعنة التي تسلط الأضواء على المشكلات وتسعى لحلها
عالمنا مليء بالمتناقضات فكثيرا من الأحيان يبرز الأقل قدرة و كفاءة ، لا يقتصر ذلك في ساحة الكتابة والأدب وحسب .. ربما في كثير من شؤون حياتنا ، فكم من كاتب مجهول لا اسم  له ولا هوية بين قوائم الأدباء أو أصحاب القلم  كلماته تأسر للفؤاد ، تصيب كبد الحقيقة وتضع يداها على المشكلة وتطرح الحلول ، وتطرح الفكرة وتناقش تلك ..
أما تلك النجوم التي جعلت من الأضواء ستارة تختفي تحت أضواءها ، فتجد بعضها فارغة المضمون ، ركيرة الأسلوب ، ضعيفة البيان ، حتى الأضواء لا تخفي بساطته ..
فالدعوة موصلة أن نقرأ الكلمات قبل الكاتب ، ليتسنى لنا أن نُقيم الفكرة ، ونحكم على الكاتب من خلال كلماته وعبارات ، فالعبرة ليست بمن يكتب ولكن بما يكتب وعن ماذا ؟؟ ، فكلماتنا رسائلنا التي في عقولنا وقلوبنا ما إن خرجت منا  حتى تنتقل ملكيتها إلى كل من يقرأها .

محمد سرميني
23 أغسطس 2010

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

المشكلة في النهاية وليست في البداية ..


نعم تلك الحقيقة التي نلمسها بأيدينا ونراها بأم أعيننا في شهر الخير والبركة شهر الطاعة والعبادة شهر المغفرة والرحمة والعتق من النيران ، فالله جل ثناؤه وتعاظمت أسماؤه ، كان له بالغ الحكمة وعظيمها عندما جعل العتق من النار في آخر الشهر وليس في أوله مع التأكيد على  فضل أوله وأوسطه لأن أيامه كلها بركة متواصلة مستمدة من رحمة  إلهية قديرة.
بداية الشهر الكريم مشاهد المساجد في جُل أوقاتها حيثما أتيتها، مكتظة بعباد مؤمنة خاشعة تٌقبل على الله بقلوب خاشعة ونفوس مطمئنة وبهمة كالجبال ورغبة صادقة أن ينالوا مغفرة الله ورحمته الواسعة .
ضبط النفس في أعلى مراتبه وحفظ اللسان في كماله وغض البصرهو تاج الصائمين ، فشهر تصفد به الشيطان حري به أن تكون نفحاته الربانية كفيلة لإقبال على الله بقلب خاشع ونفس تواقة .. وما أن تمضي الأيام الخمسة ويتسلل الروتين إلى نفس الصائم و تأخذ العادة  محلها بدل من المثابرة ، وتبدأ النفس بتململ بعد مرور أيام على ضبطها وتحجيمها ..
قيل سابقاً " أن العبرة في الخواتيم " وأن النجاح هو تمام الأمر إلى نهايته ، فلا يمكن أن تحسب نتيجة مباراة قبل إطلاق صفارة النهاية ، الفائز من حافظ على تقدمه حتى لحظة النهاية . وعاملا الضبط في الاستمرارية هما الصبر والمجالدة ، فمن منا لا يعرف الصبر أو سمع عنه أو عاش لحظات في كنفه ، فنبينا الكريم أخبرنا " أنما النصر صبر ساعة " صدق رسول الله ، والنصر في هذا الشهر العظيم أن تحافظ وتستمر على التقرب إلى رب العزة طوال الشهر الكريم من خلال المحافظة على الصلوات في وقتها وتوثيق الصلة بكتاب الله العظيم .
إما فيما يتعلق في المجالدة فتكون مبنيةً على أن تخالف نفسك في اغوأتها ، أن تثابر على أن تكون سرعتك في التسابق إلى  الطاعات هي تلك التي بدأت فيها اللحظات الأولى للشهر الفضيل .. مما لاشك فيها أن نفوسنا آمرة بالسوء ، نحن وإياها في صراع محتدم ، تارة ننتصر عليها وتارة أخرى يكون النصر حليفها ، والتقي من خالف نفسه هواها وقوّم اعوجاها وأصلح أمورها وهداها إلى الصراط المستقيم ..
أن نفوسنا التي تُركت تخوض وتلعب طوال الأيام السنة دون رقيب أو عتيد ، من الصعب أن تحجزها شهراً كاملاً دون تدرج مقبول للنفس ومتماشياً مع طبيعتها ، ولذلك ترى البعض مع تلك الشحنة الإيمانية العالية قد شمر ثيابه وشد عليه مأزره ،  وعَلّت همته إلى عنان السماء وأخذ يثقل على نفسه في أصناف الطاعة و ووسائل التقرب إلى الله عز جلاله .
فما أن تمر الأيام حتى تبدأ النفس بتفلّتِ من خلال ترك صلاة في جماعة أو ابتعاد عن تلاوة للقرآن بحجة انشغال في عمل ..وما أن يأتي آخر الشهر وكأن شيء لم يكن ، شهر مر مثله مثل الشهور ، ضاع ثوابه العظيم الذي وضعه الله سبحانه للخواص من عباده في عتق رقابهم من نار جهنم .
حثنا رسولنا - صل الله عليه وسلم - أن نوغل بديننا برفق ، فكيف لمن كان يعيش في غفلة أن يتقرب إلى الله بكثير عبادات  يثقلها في السنن والنوافل ويحمل نفسه فوق طاقتها، فصدق رسول الله - صل الله عليه وسلم - عندما قال" قليل دائما خير من كثير منقطعاً " فالقيام بطاعة قليلة دائمة يستطيع أن يكملها شهراً كاملاً ، خير من أعمال كثيرة تنسي بعضها بعض وتثقل على الناس همتهم ، لم تكن الطاعة والعبادة والتقرب إلا الله في شهر رمضان فحسب أنما جاء رمضان ليكون محطة هامة من أيام السنة يراجع المؤمن فيه علاقته مع رب العالمين وبشحذ الهمة لعام ممتلئ عبادة وطاعة
رمضان شهر الله ومن أجل الله وبركة من الله ، جاء به لعباده المؤمنين حتى يمن عليه برحماته وبركاته ويفتح أبواب الجنة ليدخلها كل من خاف الله وعمل على رضه .
اللهم أنا نسألك في أوله رحمة وفي أوسطه مغفرة ونسألك العتق من النار في آخره ، وأن تجعل أيامنا كلها في طاعتك .




محمد سرميني 
11 أغسطس 2010
1 رمضان 1431

السبت، 7 أغسطس 2010

عندما نُتَجَاذبُ من حرفين ...



في زمان اختلفت فيه مظاهر الحياة ، في زمن باتت فيه المتغيرات أكثر بكثير من الثوابت ، مع هذا كله مازال وليومنا هذا و حتى قيام الساعة يَتَجَاذَبُنَا حرفان منذ ولادتنا وحتى نوارى الثرى ..
حرفان لهما الدور الأكبر في مجريات الحياة ، وما أن يمتزجان معا ويتحدان حتى يشكلا لوحة فنية تعجز أنامل فنان عن إبداعها , حرفان فيهما الحياة ولهما الحياة ..
فمنذ إطلاق الصرخة الأولى لنعلن بها بدء مسيرة الحياة ، يبدأ هذا الحرفان في اكتنافنا ، وما أن نرشف أولى قطرات حليب أمهاتنا حتى تكون نكهة هذين الحرفين واضحة جلية ، نكبر ونترعرع كسنبلة باسقة في بستان الحياة ويكونا لنا الماء والهواء ..
لهما في طفولتنا معجزة ، فما يمكن لنا أن نكبر أو تشد أعوادنا دونهما .. فمازلت أذكر أمي وهي تمسح يدها على جبيني استجابة لهذه الحرفين وما زلت اذكر القلق في عيون أبي عندما أغيب عنه وهذا كله من صنيعة هذين الحرفين ..
وما أن تقرع مرحلة المراهقة أبوابها في حياتنا حتى يبدأ هذين الحرفين يتسللان إلى قلوبنا ولكن بشكل مختلف , ربما تختلف وسائلهما من شخص إلى آخر ، نرسمهما في لوحاتنا ، ننثرهما في كلماتنا ، ننظُمهما في أشعارنا .. لتكون أجمل ما تكون القصائد مرصعة فيهما .. وكل منا يختار الشكل الذي يريد أن يزين حياته بهما ..
وتشد جذوة هذين الحرفين تألقاً في حياتنا كلما مرت السنين من أعمارنا .. وتباعاً ما أن نخرج من شراك هذين الحرفين حتى نقع في شباكهما مرة أخرى .. وكأن القدر حتم علينا أن نحيا ونموت و نحن ما بين مد وجزر مع هذين الحرفين ، وكأنهما الراعي الرسمي لأعمارنا ، كأنهما الوصي الشرعي على قلوبنا ومشاعرنا ..
آه من هذين الحرفين الذي أنا وأنت و أنتِ ، كثيراً ما بحثنا عنهما في حياتنا ، وما أن وجدناهما حتى حولا حياتنا إلى لوحة فنية فريدة ، رسمتها يد فنان لم يعرف غير هذين الحرفين مذهباً .
ختاما أقول أن من خلت حياته من هذين الحرفين فهو في عداد الأموات يأكل ويشرب وينام دون روح ، لم يعرف لحياته لذة ولا لعمره طعم أو لون ، ولم تعرف له السعادة طريق .
هذين الحرفين لم يتركا باب إلا طرقاه ولا طريق إلا سلكاه ، ولا مجال إلا كان لهما نصيب الأسد فيه ، فبدونهما لا يمكن لعلاقتنا مع خالقنا وواجدنا معنى فهما ما خلقنا من اجله , لأوطاننا نصيب منهما ، وكذلك لأهالينا وأصحابنا وأنفسنا نصيب منهما ، لهما منا كل أمر وحال شأن ،أنهما ترياق الحياة وغاية المنى .
 اننا ما بين حاء وباء
محمد سرميني
3 اغسطس 2010




إليك اكتب تلك الكلمات



إليك اكتب تلك الكلمات .. على ارتفاع ألاف الأميال  أنا وأنت والسحاب .. مشهد الغروب الذي أسرني فأول مرة أشاهده من هذا الارتفاع .. ما أجمله وما أروعه من منظر يأسر القلوب والألباب .. بدأت الكلمات تنساب مني نهر متدفق تنساب منه القطرات دون توقف .. ولكن شاعرية المشهد وروعته وشعور النشوة الذي  أشعر به ، هو أنك في قلبي وأن روحك تسكن روحي ..
 نعم يا مهجتي ..أنت تسري مني مسرى الدم .. حبك يا حبيبتي .. أصدق من كلمات الحب والغرام .. حبك أجمل من الأغنيات .. حبك هو ما جعلني أشعر بذاتي .. حبك هو مصدر سعادتي .. كثيراً ما جلست  في هذا المكان وكثيراً ما سافرت عابرا عباب السحاب ، ولكني لم أشعر بهذه السعادة إلا لأنك برفقتي .. مازالت كلماتك يتردد صداها في أذني .. و مازال صوتك في قلبي كمعزوفة موسيقى يتراقص على ألحانها العشاق ..
يبدو انك نجحت في أن تحظي بقلبي يا مولاتي ..
أما طعم الحب فهو معك شيء آخر .. شيء لا يوصف ولا يُقدر ..
 حبك علمني كيف الحب يكون ، كيف يكون حال العاشقين ، كيف أن روحي تسلب لتسكن روحك ..
 أنت ملهمتي فمن عينيك أستمد هذا الإلهام لتتناثر كلماتي وتداعب أوراقي .. حبك يا محبوتي فرشاة أعادت رسم حياتي أعطته ألوان الربيع الزاهية , رسمت تفاصيلها بإبداع وإتقان يعجز عن رسمها أعظم فنان ..
مازالت ابتسامتك تنير لي دربي وتعطر حياتي وتسعد ذاتي وتصنع من ألمي أملا ، ما زال عطرك يعبق في روحي وينعش فؤادي ..
دخلت حياتي دون استئذان .. مازلت اذكر تلك اللحظات ومازالت تتدافع الصور في مخيلتي وتتزاحم عندما يذكر اسمك في قلبي. أذكر كل تفاصيل لقاءك .. ففي ذاك كان للتاريخ بدأ في حياتي وبدأت تحتسب الأيام بالنسبة لي ..
كثيراً ما قرأت عن الحب وأحوال المحببين ، كثيراً ما سمعت قصصا عن سعادتهم ، كثيرٌ من الشعراء سهروا الليالي واعّنوا أقلامهم لوصف الحب ، كثير من الرواة نسجوا من مخيلتهم قصصا في العشق والغرام .. ولكني أقول أن خفق قلبي عندما أسمع صوتك أو أرى طلتك ذات الإشراق يضاهي كل ما كتبوا مجتمعين .. نعم هذا هو الحب أن تكون الحياة لك ومعك فأنت الحياة ..
سكنت فؤادي و تُوجتي على عرشه  ، فأنت الملكة في حياتي .. فلك السمع والطاعة .. ولك الحب ولك الصدق والإخلاص ولك مني العهد على الحب وليشهد الشاهدون ..
نعم .. إليك اكتب تلك الكلمات .. إليك أنثر الدر .. إليك أبذل الغالي والنفيس .. إليك أسهر الليالي .. إليك أقدم روحي .. إليك دنيتي يا أجمل شيء فيها .. 


محمد سرميني
3 يوليو2010