إذا كنت من هواة القراءة فلا بد أن لك نخبة من الكُتاب الذين يستهويك ما ينطق به قلمهم ، فلكل كاتب مذاق نستشعره من كلماته المعبرة عن فكره الذي هو بطاقة التعريف عما ما يدور في خاطره .
أما إذا كنت من عامة القراء الذين يعتبروا الجريدة هي نبعهم المَعين الذي ينهلون منه و يجمعون شتاتهم الفكري والثقافي من صفحاتها ، تتجه أنظارك نحو نجوم الصحافة أو كُاتبها الذين لمع نجمهم ربما لثقافتهم الواسعة أو لأفكارهم الهادفة أو لحدة لسانهم أو أسلوبهم الساخر أو لسلعتهم التافه التي باتت مطلب جماهيري كبير .
اذا ما كنت من النخبة القارئة أو من العامة التي تسعى أن تكون مثقفة من خلال قراءة المانشيتات التي تعج بها صحفنا ، فإن ما يلفت انتباهك أولا هو اسم الكاتب صاحب الباع الطويل والخبرة التي شهد الزمن لها ، أما هؤلاء المغمورين ربما لا بواكي لهم في عالم القرطاس والقلم رغم جذوة أفكارهم و جزالة كلماتهم وعبارتهم و أسلوبهم التعبيري الفريد ..
مما لاشك فيه أن الكاتب المخضرم في بعض الأحيان الأقدر على إيصال أفكاره واستقطاب الجماهير وإيصال رسائله ايجابية كانت أم سلبية ، لكن أيضا هناك الكثير ممن جعلوا الكلمات منهج تعبير ، وكانت كلماتهم محرك لأصحاب العقول والألباب فهم عين المجتم الفاحصة المتمعنة التي تسلط الأضواء على المشكلات وتسعى لحلها
عالمنا مليء بالمتناقضات فكثيرا من الأحيان يبرز الأقل قدرة و كفاءة ، لا يقتصر ذلك في ساحة الكتابة والأدب وحسب .. ربما في كثير من شؤون حياتنا ، فكم من كاتب مجهول لا اسم له ولا هوية بين قوائم الأدباء أو أصحاب القلم كلماته تأسر للفؤاد ، تصيب كبد الحقيقة وتضع يداها على المشكلة وتطرح الحلول ، وتطرح الفكرة وتناقش تلك ..
أما تلك النجوم التي جعلت من الأضواء ستارة تختفي تحت أضواءها ، فتجد بعضها فارغة المضمون ، ركيرة الأسلوب ، ضعيفة البيان ، حتى الأضواء لا تخفي بساطته ..
فالدعوة موصلة أن نقرأ الكلمات قبل الكاتب ، ليتسنى لنا أن نُقيم الفكرة ، ونحكم على الكاتب من خلال كلماته وعبارات ، فالعبرة ليست بمن يكتب ولكن بما يكتب وعن ماذا ؟؟ ، فكلماتنا رسائلنا التي في عقولنا وقلوبنا ما إن خرجت منا حتى تنتقل ملكيتها إلى كل من يقرأها .
محمد سرميني
23 أغسطس 2010